لجنة التخطيط الاستراتيجي تستمع إلى وزير التجهيز والإسكان حول مدى التقدم في إنجاز عدد من المشاريع الكبرى

عقدت لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية جلسة يوم الاثنين 30 جوان 2025 استمعت خلالها إلى وزير التجهيز والإسكان حول مدى التقدم في إنجاز عدد من المشاريع الكبرى وأسباب البطء المسجل في عدد منها وخطة الوزارة للرفع من نسق إنجازها واستكمالها.
وقدّم الوزير في بداية الجلسة عرضا أفاد في مستهله أنّه في إطار الاستجابة للأولويات التنموية والاقتصادية والاجتماعية، تمّ الشّروع في تنفيذ مقاربة تشاركية للتّسريع في إنجاز المشاريع العمومية ومتابعة تنفيذها بالشراكة مع جميع الأطراف المتداخلة على المستويين الوطني والجهوي. كما تطرّق إلى طبيعة الاشكاليات التي تعيق التقدّم في تنفيذ المشاريع، موضّحا أن البعض منها يتعلق أساسا بجوانب عقارية ومالية في حين يتعلق جزء آخر منها بمسائل تتصل بالمقاولات وبالمستلزمين العموميين، إضافة إلى ندرة المواد المقطعية.
ثمّ استعرض أهم الإجراءات التي اتخذتها الوزارة لتسريع نسق أشغال المشاريع المعطّلة، وأفاد في هذا الإطار أنه تم إحداث لجنة فنية صلب الوزارة لمتابعة هذه المشاريع تعنى بدراسة الإشكاليات التي تعترض التنفيذ وتوصي باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتجاوزها وتحيل أعمالها إلى اللجنة العليا لمتابعة المشاريع المعطلة برئاسة الحكومة. وأشار الى التواصل الدوري والمستمر مع هياكل الوزارة المكلفة بتنفيذ هذه المشاريع والتنسيق مع كل الأطراف المعنية مركزيا وجهويا لتذليل الصعوبات المعترضة.
وبيّن الوزير أنّه تمّ تطبيق مقتضيات الأمر عدد 764 المؤرخ في 19 أكتوبر لسنة 2022 المتعلق بالمراجعة الاستثنائية لأثمان الصفقات وذلك بهدف مساعدة المقاولات والشركات لتجاوز الصعوبات المالية التي يمر بها القطاع، ويجري بالتنسيق مع لجان الصفقات العمومية إتمام إجراءات تطبيق مقتضيات الفصل 65 من قانون المالية لسنة 2025 والمتعلق بالتخلي عن غرامات التأخير ومواصلة تطبيق قاعدة مراجعة أثمان الصفقات شريطة إتمام الأشغال سنة 2025.
من جهة أخرى وبالإضافة إلى السهر على دفع مستحقات المقاولات والشركات بصفة منتظمة حتى تتمكن من الوفاء بتعهداتها، أفاد الوزير أنه تم إسداء التعليمات الصارمة من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة إلى كافة المتدخلين من وزراء وولاة وسلط محلية وإدارات للتنسيق فيما بينها وحلّ كل الإشكاليات في أوقات قياسية واتخاذ الإجراءات الردعية تجاه كل من يتسبب في تعطيل المشاريع.
كما تطرق الوزير خلال العرض إلى عديد الجوانب المتعلّقة ببرامج الاستثمار التي وضعتها الوزارة في المجالات الراجعة لها بالنظر على غرار الجسور والطرقات والتهيئة الترابية والتعمير والسكن الاجتماعي وحماية المدن من الفيضانات وغيرها.
وثمّن النواب العرض المقدم من قبل وزير التجهيز والإسكان، واعتبروه بادرة أمل لحلحلة الإشكاليات المطروحة. وتمحورت التدخلات بالخصوص حول مدى التقدّم في إنجاز الطرقات والجسور وبرامج صيانتها وتطويرها في كافة ولايات الجمهورية، وتركيز المزيد من إشارات المرور ومخفّضات السرعة. كما أكّدوا ضرورة معالجة موضوع المخفضات العشوائية التي تسبّبت في عديد المشاكل والحوادث، ودعوا إلى استكمال إنجاز المشاريع المعطّلة وتخصيص برامج إضافية لتهذيب الأحياء الشعبية وحمايتها من الفيضانات. وتمّ التأكيد كذلك على مزيد النهوض بسياسة السكن الاجتماعي وتطويره وتوفير المخزون العقاري من الأراضي الدولية لإنجاز المزيد من المساكن الاجتماعية في إطار تكريس التوجه الاجتماعي للدولة.
وأوصى النواب بضرورة استكمال المشاريع سواء التي تمّ الشروع فيها وتوقّفت أشغالها، أو التي تشهد بطء كبيرا في الإنجاز، مؤكدين ضرورة تكثيف عمليات المتابعة والرقابة والالتزام بمبادئ استمرارية الدولة واحترام كل مسؤول للدور المطالب به والمهمة التي تم تكليفه بها حتى تحافظ الدولة على مصداقيتها، مع مصارحة المواطن بكل الحقائق في صورة توقّف أي مشروع وإفادته بكل شفافية بالأسباب الحقيقة الكامنة وراء ذلك.
وأثار النواب عديد النقاط المتصلة باستعداد الوظيفة التشريعية لمساندة الوظيفة التنفيذية لتطوير التشريعات التي من شأنها أن تحدّ من الصعوبات والمعوقات في إنجاز المشاريع وتقلّص البطء الحاصل على مستوى الإنجاز. وأكدوا بالمناسبة ضرورة تنظيم التداخل بين الوزارات المعنية بالمشاريع والإدارات الجهوية لوزارة التجهيز والإسكان بما يمكّن من الرفع في نسق الإنجاز.
كما تطرقوا إلى المشاكل التي تشكو منها المنشآت التابعة للوزارة خاصة الوكالة العقارية للسُكنى ،والإسراع بتنقيح مجلة التهيئة الترابية والتعمير وتشريك النواب في صياغة التنقيحات قبل عرضها على مجلس نواب الشعب. وشددوا على ضرورة تنقيح الأمر المنظّم للصفقات العمومية في أقرب الآجال للتقليص من العراقيل التي تعيق إنجاز المشاريع بالنسق المأمول.
وأوصى النواب من جهة أخرى بمزيد دعم البلديات والإدارات الجهوية والمحلية بالكفاءات خاصة وأن عديد البلديات تفتقر لموارد بشرية ذات كفاءة وللموارد المالية والوسائل التي تمكنها من القيام بدورها في مراقبة كيفية الإنجاز ونسقه، معتبرين أن هذا النقص يكلّف المجموعة الوطنية خسائر كبيرة. وتعرضوا في هذا السياق إلى القانون عدد 33 لسنة 2024 المتعلق بالمباني المتداعية للسقوط، مشيرين إلى أنّ عديد البلديات غير قادرة على القيام بأشغال الترميم بعد إصدار قرارات إخلاء المباني وهو ما يستدعي إيجاد الحلول اللازمة. كما طالبوا بضرورة تغيير أمثلة التهيئة العمرانية بما يجعلها أكثر مواكبة لما يشهده المجال العمراني من تطور.
ونبّه عدد من النواب إلى طريقة التعامل مع المشاكل التي يعانيها المواطن التونسي سواء على المستوى المحلي أو الجهوي أو الإقليمي في علاقة بالتفاوت بين الجهات وخاصة الداخلية منها. ولاحظوا أنّ بعض المناطق تحظى بالأولوية في البنية التحتية والصيانة والتطوير على حساب عديد المناطق الداخلية مما فاقم مشكل اختلال التوازن بين الجهات على المستوى التنموي. وأوصوا بالمناسبة بضرورة إعطاء الأولوية للجهات الداخلية.
وطالب بعض النواب في هذا السياق بضرورة إنجاز المزيد من المسالك الفلاحية بعديد المناطق لفك العزلة عنها من جهة وتمكين الفلاحين التابعين لها سواء من خدمة أراضيهم أو من نقل وترويج منتوجاتهم الفلاحية من جهة أخرى، بالإضافة إلى تمكين أبنائهم التلاميذ من إمكانية التنقل إلى المؤسسات التربوية ومزاولة تعليمهم في ظروف أفضل.
وفي تفاعله مع مداخلات النواب، أفاد وزير التجهيز والإسكان أنّ التعطيل الحاصل في عدد من المشاريع يعود إلى بعض الأسباب الموضوعية التي تعود إلى طول بعض الإجراءات المكبّلة والتريّث المبالغ فيه من قبل بعض المسؤولين قبل أخذ القرار وإلى غياب المستوى المطلوب من الانسجام بين مختلف الإدارات المتدخلة في إنجاز المشاريع، هذا بالإضافة إلى أسباب أخرى تتعلق بإمكانية وجود تقصير متعمد، مؤكّدا أنّ الوزارة لن تتردد في فتح التحقيقات الجدية بخصوصه واتخاذ الإجراءات اللازمة في شأنه.
وأشار الوزير في هذا الصدد أنه تمّ مؤخّرا إسداء تعليمات واضحة إلى الولاة لدفع كل المشاريع المعطلة وأخذ القرارات في شأنها ، مشيرا الى التجاوب والتفاعل الإيجابي من قبل كل الجهات المتدخلة. كما تم التأكيد خلال مجلس وزاري على ضرورة التنسيق أكثر بين الوزارات لتشخيص أسباب التعطل في إنجاز المشاريع واتخاذ القرارات بتقديم الحلول الناجعة لها وفق رؤية تشاركية، مثمنا التجاوب الكبير الذي أبدته وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية فيما يخص اقتناء الأراضي وذلك بالعمل على إيجاد الحلول للإشكاليات العقارية مما سيمكن من احترام آجال الإنجاز، كما تمّ كذلك فيما يخص المقاطع والمواد المقطعية التنسيق مع الجهات المختصة لإزالة العوائق وبالتالي حلحلة المشاريع المعطلة.
وأفاد أن الوزارة وضعت استراتيجيات واضحة واتخذت جملة من الإجراءات ، موضحا أنه يتم العمل على دفع المشاريع التي تشهد ضعفا في نسق الإنجاز والمشاريع المعطلة من خلال وضع خطّة على مدى 6 أشهر للعودة تدريجيا إلى النسق العادي. كما يتم العمل على تكريس البعد التشاركي في إنجاز المشاريع على المستوى الجهوي وذلك من خلال تكثيف الزيارات الميدانية للوقوف على مدى تنفيذ كل ما تم ضبطه بالنسبة إلى المشاريع المعطلة، هذا بالإضافة إلى القيام بجملة من الدراسات ووضعها ضمن بنك معلومات يقع الاعتماد عليه للوقوف على مدى الجدوى الاقتصادية لما تم تصوره من مشاريع والبحث عن مصادر لتمويلها في صورة تبنيها قبل المرور في مرحلة أخيرة إلى الإنجاز.
وبخصوص الطرقات، أوضح أن الوزارة تعمل على إنجاز ما يسمى بالمحاور الاقتصادية التي تجمع بين الطرقات والمشاريع حتى تكون الجدوى أكبر بالنسبة إلى المناطق المحاذية للطرقات، علما وأن الوزارة لديها ثلاث مشاريع محاور اقتصادية في هذا الاتجاه تعمل على تبويبها ضمن المخطط القادم.
أما بالنسبة إلى المسالك الريفية، فأفاد أن الوزارة تقدمت شوطا هاما في إطار السعي لفك العزلة عن عديد المناطق مشيرا أنه من بين 58 ألف كلم، تم التدخل في حوالي 28 ألف كلم لربطها بكل وسائل شبكات الطرقات والبقية في طور الدراسة مع الأخذ بعين الاعتبار المناطق ذات الأولوية وفقا لما سيصدر من مقترحات محلية وجهوية وإقليمية في إطار إعداد مشروع مخطط التنمية 2026-2030.
وفيما يتعلق بتدعيم الإدارات الجهوية بالمعدات والآليات، أوضح أن الوزارة تعمل على تزويد الإدارات الجهوية بالمعدات اللازمة في حدود الامكانيات المتاحة في كل ميزانية، مقرّا بأن المعدات المتوفرة حاليا تقادمت وغير كافية خاصة بالنسبة إلى الآلات الماسحة وقد تمت المطالبة بتعويضها ومزيد تزويد الإدارات الجهوية بها من خلال رصد وزارة المالية لاعتمادات مالية لهذا الغرض.
من جهة أخرى وفيما يتعلق بالمساكن الاجتماعية، أوضح أن وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية وضعت على ذمة الباعثين العقاريين مساحات عقارية من أجل إنجاز مساكن اجتماعية لاسترجاع طريقة الكراء المملّك وستكون سنة 2026 انطلاق أول نواة لتشمل هذه العملية عديد المناطق.
أما عن المطالبة بمراجعة أمثلة التهيئة العمرانية، فأوضح الوزير أن الموضوع يرتبط إلى حد ما بأحكام مجلة الجماعات المحلية التي هي بصدد المراجعة وسيتم الأخذ بعين الاعتبار لما سيتم إقراره من تنقيحات لهذه المجلة عند مراجعة أمثلة التهيئة العمرانية. كما أفاد أنه سيتم إحداث وكالة عقارية للتهيئة والتعمير من مهامها إعداد الدراسات وحسن تأطيرها، مذكّرا أن الحكومة بصدد إعداد مشروع قانون في الغرض وسيتم عرضه في أقرب الآجال على أنظار مجلس نواب الشعب.
هذا وعبر وزير التجهيز والإسكان في ختام الجلسة عن انفتاح الوزارة واستعدادها للتفاعل بكل إيجابية مع أعضاء اللجنة لوضع الأسس التشريعية المأمولة وفق رؤية تشاركية بين الوظيفتين التنفيذية والتشريعية بما يخدم مصلحة المواطن ويرتقي ببلادنا

الملفات المرفقة :

مقالات أخرى